أَمِن رُسومٍ بِأَعَلى الجِزعِ مِن شَرِبِ
فاضَت دُموعُكَ فَوقَ الخَدِّ كَالشَرَبِ
لا يَظعَنونَ عَلى عَمياءَ إِن ظَعَنوا
وَلا يُطيلونَ إِخماداً عَنِ السُرَبِ
وَيلُ اُمِّ حَيٍّ دَفَعتُم في نُحورِهِمُ
بَني كِلابٍ غَداةَ الرُعبِ وَالرَهَبِ
أَمِن رُسومٍ بِأَعَلى الجِزعِ مِن شَرِبِ
فاضَت دُموعُكَ فَوقَ الخَدِّ كَالشَرَبِ
لا يَظعَنونَ عَلى عَمياءَ إِن ظَعَنوا
وَلا يُطيلونَ إِخماداً عَنِ السُرَبِ
وَيلُ اُمِّ حَيٍّ دَفَعتُم في نُحورِهِمُ
بَني كِلابٍ غَداةَ الرُعبِ وَالرَهَبِ
لِمَن طَللٌ بِذي خِيَمٍ قَديمُ
يَلوحُ كَأَنَّ باقِيَهُ وُشومُ
كَأَغلَبَ مِن أُسودِ كَراءَ وَردٍ
يَشُدُّ خِشاشَهُ الرَجُلُ الظَلومُ
هَل حَبلُ شَمّاءَ قَبلَ البَينِ مَوصولُ
أَم لَيسَ لِلصُرمِ عَن شَمّاءَ مَعدولُ
أَم ما تُسائِلُ عَن شَمّاءَ ما فَعَلَت
وَما تُحاذِرُ مِن شَمّاءَ مَفعولُ
إِذ هِيَ أَحوى مِنَ الرِبعِيِّ حاجِبُهُ
وَالعَينُ بِالإِثمِدِ الحارِيِّ مَكحولُ
تَرعى مَنابِتَ وَسمِيٍّ أَطاعَ لَهُ
بِالجِزعِ حَيثُ عَصى أَصحابَهُ الفيلُ
بانَت وَكانَت إِذا بانَت يَكونُ لَها
رَهنٌ بِما أَحكَمَت شَمّاءَ مَبتولُ
إِن تُمسِ قَد سَمِعَت قيلَ الوُشاةِ بِنا
وَكُلُّ ما نَطَقَ الواشونَ تَضليلُ
فَما تَجودُ بمَوعودٍ فَتُنجِزَهُ
أَم لا فَيَأسٌ وَإِعراضٌ وَتَجميلُ
فَإِنَّ قَصرَكِ قَومي إِن سَألتِهِمُ
وَالمَرءُ مُستَنبَأٌ عَنهُ وَمَسؤولُ
إِنّي وَإِن قَلَّ مالي لا يُفارِقُني
مِثلُ النَعامَةِ في أَوصالِها طولُ
تَقريبُها المَرَطى وَالجَوزُ مُعتَدِلٌ
كَأَنَّها سُبَدٌ بِالماءِ مَغسولُ
غَشيتُ بِقُرّا فَرطَ حَولٍ مُكَمَّلِ
مَغانِيَ دارٍ مِن سُعادَ وَمَنزِلِ
تَرى جُلَّ ما أَبقى السَواري كَأَنَّهُ
بُعَيدَ السَوافي أَثرُ سَيفٍ مُفَلَّلِ
دِيارٌ لِسُعدى إِذ سُعادُ جَدايَةٌ
مِنَ الأُدمِ خُمصانُ الحَشا غَيرُ خَثيَلِ
هِجانُ البَياضِ أُشرِبَت لَونَ صُفرَةٍ
عَقيلَةُ جَوٍّ عازِبٍ لَم يُحلَّلِ
تَضِلُّ المَداري في ضَفائِرِها العُلى
إِذا أُرسِلَت أَو هَكَذا غَيرَ مُرسَلِ
كَأَنَّ الرِعاثَ وَالسُلوسَ تَصَلصَلَت
عَلى خُشَشاوَي جَأبَةِ القَرنِ مُغزِلِ
أَمَلَّت شُهورَ الصَيفِ بَينَ إِقامَةٍ
ذَلولاً لَها الوادي وَرَملٍ مُسَهَّلِ
بِأَبطَحَ تُلفيها فُوَيقَ فِراشِها
ثَقالُ الضُحى لَم تَنتَطِق عَن تَفَضُّلِ
يُغَنّي الحَمامُ فَوقَها كُلَّ شارِقٍ
غِناءَ السُكارى في عَريشٍ مُظَلَّلِ
إِذا وَرَدَت تَسقي بِحِسيٍ رِعاؤها
قَصيرِ الرِشاءِ قَعرُهُ غَيرُ مُحبِلِ
يَزينُ مَرادَ العَينِ مِن بَينِ جَيبِها
وَلَبّاتِها أَجوازُ جَزعٍ مُفَصَّلِ
كَجَمرِ غَضاً هَبَّت لَهُ وَهوَ ثاقِبٌ
بِمَروَحَةٍ لَم تَستَتِر رِيحُ شَمأَلِ
وَوَحفٌ يُغادى بِالدِهانِ كَأَنَّهُ
مَديدٌ غَداهُ السَيلُ مِن نَبتِ عُنصُلِ
تَظَلُّ مَداريها عَوازِبَ وَسطَهُ
إِذا أَرسَلَتهُ أَو كَذَا غَيرَ مُرسَلِ
إِذا هِيَ لَم تَستَك بِعودِ أَراكَةٍ
تُنُخِّلَ فَاِستاكَت بِهِ عودُ إِسحَلِ
إِذا سَئِمَت مِن لَوحَةِ الشَمسِ كَنَّها
كِناسٌ كَظِلِّ الهَودَجِ المُتَحَجِّلِ
بَني جَعفَرٍ لا تَكفُروا حُسنَ سَعيِنا
وَأَثنوا بِحُسنِ القَولِ في كُلِّ مَحفَلِ
وَلا تَكفُروا في النائِباتِ بَلاءَنا
إِذا مَسَّكُم مِنها العَدوُّ بِكَلكَلِ
فَنَحنُ مَنَعنا يَومَ حِرسٍ نِساءَكُم
غَداةَ دَعانا عامِرٌ غَيرَ مُؤتَلي
دَعا دَعوةً يالَ الجُلَيحَاءِ بَعدَما
رَأى عُرضَ دَهمٍ صَرَّعَ السِربَ مُثعَلِ
فَقالَ اِركَبوا أَنتُم حُمَاةٌ لِمِثلِها
فَطِرنا إِلَى مَقصورَةٍ لَم تُعَبَّلِ
طِوالُ الذُنابى أُتِرفَت وَهيَ جَونَةٌ
بِلَبسَةِ تَسبيغٍ وَثَوبٍ مُوَصَّلِ
فَجاءَت بِفُرسانِ الصَباحِ عَوابِساً
سِراعاً إِلى الهَيجا مَعاً غَيرَ عُزَّلِ
فَأَحمَشَ أولاهُم وَأَلحَقَ سِربَهُم
فَوارِسُ مِنّا بِالقَنا المُتَنَخَّلِ
فَحامى مُحامينا وَطَرَّفَ عَنهُمُ
عَصائِبُ مِنّا في الوَغى لَم تُهَلَّلِ
رَدَدنا السَبايا مِن نُفَيلٍ وَجَعفَرٍ
وَهُنَّ حَبالى مِن مُخِفٍّ وَمُثقِلِ
وَراكِضَةٍ ما تَستَجِنُّ بِجُنَّةٍ
بَعيرَ حِلالٍ راجَعَتهُ مُجَعفَلِ
فَقُلتُ لَها لَمّا رَأَيتُ الَّذي بِها
مِنَ الشَرِّ لا تَستَوهِلي وَتَأَمَّلي
فَإِن كانَ قَومي لَيسَ عِندَكِ خَيرُهُم
فَإِنَّ سُؤالَ الناسِ شَافيكِ فَاِسأَلي
وَمُستَلحِمٍ تَحتَ العَوالي حَمَيتُهُ
مُعَمِّمِ دَعوى مُستَغيثٍ مُجَلِّلِ
فَفَرَّجتُ عَنهُ الكَربَ حَتّى كَأَنَّما
تَأَوّى مِنَ الهَيجا إِلى حَوزِ مَعقِلِ
مُشيفٍ عَلى إِحدى اِثنَتَينِ بِنفَسِهِ
فُوَيتَ المَعالي بَينَ أَسرٍ وَمَقتَلِ
بِرَمّاحَةٍ تَنفي التُرابَ كَأَنَّها
هَراقَةُ عَقٍّ مِن شَعيبى مُعَجَّلِ
إِذا نَظَرَت فيهِ الحَفِيَّةُ وَلوَلَت
خَنوفاً بِكَفَّيها بُعَيدَ التَوَلُّلِ
وَكائِن كَرَرنا مِن جَوادٍ وَراءَكُم
وَكائِن خَضَبنا مِن سِنانٍ ومُنصَلِ
وَكائِن كَرَرنا مِن سَوامٍ عَلَيكُمُ
وَمِن كاعِبٍ وَمِن أَسيرٍ مُكَبَّلِ
وَأَشعَثَ يَزهاهُ النُبوحُ مُدَفَّعٍ
عَنِ الزادِ مِمَّن خَلَّفَ الدَهرُ مُحثَلِ
أَتانا فَلَم نَدفَعهُ إذَ جاءَ طارِقاً
وَقُلنا لَهُ قَد طالَ طولُكَ فَاِنزِلِ
هَنَأنا فَلَم نَمنُن عَلَيهِ طَعامَنا
فَراحَ يُباري كُلَّ رَأسٍ مُرَجَّلِ
فَأَبَّلَ وَاِستَرخَى بِهِ الشَأنُ بَعدَما
أَسافَ وَلَولا سَعيُنا لَم يُؤَبِّلِ
فَذاكَ وَلَم نَحرَم طُفَيلَ بنَ مالِكٍ
وَكُنّا مَتى ما نُسأَلِ الخَيرَ نَفعَلِ
لَنا مَعقِلٌ بَذَّ المَعاقِلَ كُلَّها
يُرى خامِلاً مِن دونِهِ كُلُّ مَعقِلِ
أَشاقَتكَ أَظعانٌ بِجَفنِ يَبَنبَمِ
نَعَم بُكُراً مِثلَ الفَسيلِ المُكَمَّمِ
غَدَوا فَتَأَمَّلتُ الحُدوجَ فَراعَني
وَقَد رَفَعوا في السَيرِ إِبراقُ مِعصَمِ
فَقُلتُ لِحَرّاضٍ وَقَد كِدتُ أَزدَهي
مِنَ الشَوقِ في إِثرِ الخَليطِ المُئَمِّمِ
أَلَم تَرَ ما أَبصَرتُ أَم كُنتَ ساهِياً
فَتَشجى بِشَجوِ المُستَهامِ المُتَيَّمِ
فَقالَ أَلا لا لَم تَرَ اليَومَ شَبحَةً
وَما شِمتَ إِلّا لَمحَ بَرقٍ مُغَيَّمِ
وَرَبِّ الَّتي أَشرَقنَ في كُلِّ مِذنَبٍ
سَواهِمَ خوصاً في السَريحِ المُخَدَّمِ
يَزُرنَ إِلالاً لا يُنَحِّبنَ غَيرَهُ
بِكُلِّ مُلَبٍّ أَشعَثَ الرأسِ مُحرِمِ
لَقَد بَيَّنَت لِلعَينِ أَحداجُها مَعاً
عَلَيهِنَّ حوكِيُّ الِعراقِ المُرَقَّمِ
عُقارٌ تَظَلُّ الطَيرُ تَخطَفُ زَهوَهُ
وَعالَينَ أَعلاقاً عَلى كُلِّ مُفأَمِ
وَفي الظاعِنينَ القَلبُ قَد ذَهَبَت بِهِ
أَسيلَةُ مَجرى الدَمعِ رَيّا المُخَدَّمِ
عَروبٌ كَأَنَّ الشَمسَ تَحتَ قِناعِها
إِذا اِبتَسَمَت أَو سافِراً لَم تَبَسَّمِ
رَقودُ الضُحى ميسانُ لَيلٍ خَريدَةٌ
قَدِ اِعتَدَلَت في حُسنِ خَلقٍ مُطَهَّمِ
أَصاحِ تَرى بَرقاً أُريكَ وَميضَهُ
يُضيءُ سَناهُ سوقَ أَثلٍ مُرَكَّمِ
أَسَفَّ عَلى الأَفلاجِ أَيمَنُ صَوبِهِ
وَأَيسَرُهُ يَعلو مَخارِمَ سَمسَمِ
لَهُ هَيدَبٌ دانٍ كَأَنَّ فُروجَهُ
فُوَيقَ الحَصى وَالأَرضِ أَرفاضُ حَنتَمِ
أَبَسَّت بِهِ ريحُ الجَنوبِ فَأَسعَدَت
رَوايا لَهُ بِالماءِ لَمّا تَصَرَّمِ
أَرى إِبِلي عافَت جَدودَ فَلَم تَذُق
بِها قَطرَةً إِلّا تَحِلَّةَ مُقسِمِ
وَبُنيانَ لَم تورِد وَقَد تَمَّ ظِمؤُها
تَراحُ إِلى جَوِّ الحِياضِ وَتَنتَمي
أَهَلَّت شُهورَ المُحرِمينَ وَقَد تَقَت
بِأَذنابِها رَوعاتِ أَكلَفَ مُكدَمِ
أَسيلِ مُشَكِّ المَنخِرَينِ كَأَنَّهُ
إِذا اِستَقبَلَتهُ الريحُ مُسعَطُ شُبرُمِ
تَسوفُ الأَوابي مَنكِبَيهِ كَأَنَّها
عَذارى قُرَيشٍ غَيرَ أَن لَم تُوَشَّمِ
عَوازِبُ لَم تَسمَع نُبوحَ مُقامَةٍ
وَلَم تَرَ ناراً تِمَّ حَولٍ مُجَرَّمِ
سِوى نارِ بَيضٍ أَو غَزالٍ بِقَفرَةٍ
أَغَنَّ مِن الخُنِسِ المَناخِرِ تَوأَمِ
إِذا راعَياها أَنضَجاهُ تَرامَيا
بِهِ خِلسَةً أَو شَهوَةَ المُتَقَرِّمِ
إِذا ما دَعاها اِستَسمَعَت وَتَأَنَّسَت
بِسَحماءَ مِن دونِ الغَلاصِمِ شَدقَمِ
إِذا وَرَدَت ماءً بِلَيلٍ كَأَنَّها
سَحابٌ أَطاعَ الريحَ مِن كُلِّ مَخرِمِ
تَعارَفُ أَشباهاً عَلى الحَوضِ كُلُّها
إِلى نَسَبٍ وَسطَ العَشيرَةِ مُعلَمِ
غَنمِنا أَباها ثُمَّ أَحرَزَ نَسلَها
ضِرابُ العِدى بِالمَشرَفِيِّ المُصَمِّمِ
وَكُلُّ فَتىً يَردي إِلى الحَربِ مُعلَماً
إِذا ثَوَّبَ الداعي وَأَجرَدَ صِلدِمِ
وَسَلهَبَةٍ تَنضو الجِيادَ كَأَنَّها
رَداةٌ تَدَلَّت مِن فُروعِ يَلَملَمِ
فَذَلِكَ أَحياها وَكُلُّ مُعَمَّمٍ
أَريبٍ بِمَنعِ الضَيفِ غَيرِ مُضَيَّمِ
وَما جاوَزَت إِلّا أَشَمَّ مُعاوِداً
كِفايَةَ ما قيلَ اِكفِ غَيرَ مُذَمَّمِ
إِذا ما غَدا لَم يُسقِطِ الخَوفُ رُمحَهُ
وَلَم يَشهَدِ الهَيجا بِأَلوَثَ مُعصِمِ
تَأَوَّبَني هَمٌّ مَعَ اللَيلِ مُنصِبُ
وَجاءَ مِنَ الأَخبارِ ما لا أُكَذِّبُ
تَظاهَرنَ حَتّى لَم تَكُن لِيَ ريبَةٌ
وَلَم يَكُ عَمّا أَخبَروا مُتَعَقِّبُ
وَكانَ هُرَيمٌ مِن سِنانٍ خَليفَةً
وَحِصنٍ وَمِن أَسماءَ لَمّا تَغَيَّبوا
وَمِن قَيسٍ الثاوي بِرَمّانَ بَيتُهُ
وَيَومَ حَقيلٍ فادَ آخَرُ مُعجِبُ
أَشَمُّ طَويلُ الساعِدَينِ كَأَنَّهُ
فَنيقُ هِجانٍ في يَدَيهِ مُرَكَّبُ
وَبِالسَهبِ مَيمونُ الخَليقَةِ قَولُهُ
لِمُلتَمِسِ المَعروفِ أَهلٌ وَمَرحَبُ
كَواكِبُ دَجنٍ كُلَّما غابَ كَوكَبٌ
بَدا وَاِنجَلَت عَنهُ الدُجُنَّةُ كَوكَبُ
لَعَمري لَقَد خَلّى اِبنُ خَيدَعَ ثَلمَةً
فَمِن أَينَ إِن لَم يَرأَبِ اللَهُ تُرأَبُ
وَبِالخَيرِ إِن كانَ اِبنُ خَيدَعَ قَد ثَوى
يُبَنّى عَلَيهِ بَيتُهُ وَيُحَجَّبُ
نَدامايَ أَضحَوا قَد تَخَلَّيتُ مِنهُمُ
فَكَيفَ أَلَذُّ الخَمرَ أَم كَيفَ أَشرَبُ
وَنِعمَ النَدامى هُم غَداةَ لَقيتُهُم
عَلى الدامِ تُجرى خَيلُهُم وَتُؤَدَّبُ
مَضَوا سَلَفاً قَصدَ السَبيلِ عَلَيهِمُ
وَصَرفُ المَنايا بِالرِجالِ تَقَلَّبُ
أَلا هَل أَتى أَهلَ الحِجازِ مُغارُنا
وَمِن دونِهِم أَهلُ الجِنابِ فَأَيهَبُ
شَآمِيَّةٌ إِنَّ الشَآمِيَّ دارُهُ
تَشُقُّ عَلى دارِ اليَماني وَتَشغَبُ
فَتَأتيهِمُ الأَنباءُ عَنّا وَحَملُها
خَفيفٌ مَعَ الرَكبِ المُخِفّينَ يَلحَبُ
وَفَرنا لِأَقوامٍ بَنيهِم وَمالَهُم
وَلَولا القِيادُ المُستَتِبُّ لَأَعزَبوا
بِحَيٍّ إِذا قيلَ اِركَبُوا لَم يَقُل لَهُم
عَواويرُ يَخشَونَ الرَدىَ أَينَ يُركَبُ
وَلَكِن يُجابُ المُستَغيثُ وَخَيلُهُم
عَلَيها حُماةٌ بِالمَنِيَّةِ تَضرِبُ
فَباتوا يَسُنّونَ الزِجاجَ كَأَنَّهُم
إِذا ما تَنادَوا خَشرَمٌ مُتَحَدِّبُ
وَخَيلٍ كَأَمثالِ السِراحِ مَصونَةٍ
ذَخائِرَ ما أَبقى الغُرابُ وَمُذهَبُ
طِوالُ الهَوادي وَالمُتونُ صَليبَةٌ
مَغاويرُ فيها لِلأَريبِ مُعَقَّبُ
تَأَوَّبنَ قَصراً مِن أَريكٍ وَوائِلٍ
وَماوانَ مِن كُلٍّ تَثوبُ وتَحلُبُ
وَمِن بَطنِ ذي عاجٍ رِعالٌ كَأَنَّها
جَرادٌ تُباري وِجهَةَ الريحِ مُطنِبُ
أَبُوهُنَّ مَكتومٌ وَأَعوَجُ تُفتَلى
وِراداً وَحُوّاً لَيسَ فيهِنَّ مُغرَبُ
إِذا خَرَجَت يَوماً أُعيدَت كَأَنَّها
عَواكِفُ طَيرٍ في السَماءِ تَقَلَّبُ
وَأَلقَت مِنَ الإِفزاعِ كُلَّ رِحالَةٍ
وَكُلَّ حِزامِ فَضلُهُ يَتَذَبذَبُ
إِذا اِستُعجِلَت بِالرَكضِ سَدَّ فُروجَها
غُبارٌ تَهاداهُ السَنابِكُ أَصهَبُ
فَرُحنا بِأَسراهُم مَعَ النَهبِ بَعدَما
صَبَحناهُمُ مَلمومَةً لا تُكَذِّبُ
أَبَنَّت فَما تَنفَكُّ حَولَ مُتالِعٍ
لَها مِثلُ آثارِ المُبَقِّرِ مَلعَبُ
وَراحِلَةٍ وَصَّيتُ عُضروطَ رَبِّها
بِها وَالَّذي تَحتي لِيَدفَعَ أَنكَبُ
لَهُ طَرَبٌ في إِثرِهِنَّ وَرَبُّهُ
إِلى ما يَرى مِن غارَةِ الخَيلِ أَطرَبُ
كَأَنَّ عَلى أَعرافِهِ وَلِجامِهِ
سَنا ضَرَمٍ مِن عَرفَجٍ يَتَلَهَّبُ
كَسيدِ الغَضا الغادي أَضَلَّ جِراءَهُ
عَلا شَرَفاً مُستَقبِلَ الريحِ يَلحَبُ
لَهُنَّ بِشُبّاكِ الحَديدِ تَقاذُفٌ
هُوِيَّ رَواحٍ بِالدُجُنَّةِ يُعجِبُ
فَلَم يَبقَ إِلّا كُلُّ جَرداءَ صِلدَمٍ
إِذا اِستُعجِلَت بَعدَ الكَلالِ تُقَرِّبُ
قَتَلنا بِقَتلانا مِنَ القَومِ مِثلَهُم
وَبِالموثَقِ المَكلوبِ مِنّا مُكَلَّبُ
وَبِالنَعَمِ المأَخوذِ مِثلُ زُهائِهِ
وَبِالسَبيِ سَبيٌ وَالمُحارِبِ مِحرَبُ
وَبِالمُردَفاتِ بَعدَ أَنعَمِ عيشَةٍ
عَلى عُدَواءَ وَالعُيونُ تَصَبَّبُ
عَذارِيَ يَسحَبنَ الذُيولَ كَأَنَّها
مَعَ القَومِ يَنصُفنَ العَضاريطَ رَبرَبُ
إِلى كُلِّ فَرعٍ مِن ذُؤابَةِ طَيّءٍ
إِذا نُسِبَت أَو قيلَ مَن يَتَنَسَّبُ
وَبِالبيَضَةِ المَوقوعِ وَسطَ عُقارِنا
نَهابٌ تَداعى وَسطَهُ الخَيلُ مُنهَبُ
وَحَيَّ أَبي بَكرٍ تَدارَكنَ بَعدَما
أَذاعَت بِسِربِ الحَيِّ عَنقاءُ مُغرِبُ
رَدَدنَ حُصَيناً مِن عَدِيٍّ وَرَهطِهِ
وَتَيمٍ تُلَبّي بِالعُروجِ وَتُحِلبُ
وَحَيّاً مِنَ الأَعيارِ لَو فَرَّطَتهُمُ
أَشَتّوا فَلَم يَجمَعهُمُ الدَهرَ مَشعَبُ
وَهُنَّ الأُلى أَدرَكنَ تَبلَ مُحَجَّرٍ
وَقَد جَعَلَت تِلكَ التَنابيلُ تَنسُبُ
وَقالَ أُناسٌ يَسمَعونَ كَلامَهُم
هُمُ الضامِنونَ ما تَخافونَ فَاِذهَبوا
فَما بَرِحوا حَتّى رَأَوها تَكُبُّهُم
تُصَعِّدُ فيهِم تارَةً وَتُصَوِّبُ
يَقولونَ لَمّا جَمَّعوا الغَدوَ شَملَهُم
لَكَ الأُمُّ مِنّا في المَواطِنِ وَالأَبُ
وَقَد مَنَّتِ الخَذواءُ مَنّاً عَلَيهِمُ
وَشَيطَانُ إِذ يَدعوهُمُ وَيُثَوِّبُ
جَعَلتَهُم كَنزَاً بِبَطنِ تَبالَةٍ
وَخَيَّبتَ مِن أَسراهُمُ مَن تُخَيِّبُ
فَمَن يَكُ يَشكو مِنهُمُ سوءَ طُعمَةٍ
فَإِنَّهُمُ أَكلٌ لِقَومِكَ مُخصِبُ
وَكُنّا إِذا ما اِغتَفَّتِ الخَيلُ غُفَّةً
تَجَرَّدَ طَلاّبُ التِراتِ مُطَلِّبُ
مِنَ القَومِ لَم تُقلِع بَراكاءُ نَجدَةٍ
مِنَ الناسِ إِلّا رُمحُهُ يَتَصَبَّبُ
وَأَصفَرَ مَشهومِ الفُؤادِ كَأَنَّهُ
غَداةَ النَدى بِالزَعفَرانِ مُطَيَّبُ
تَفَلتُ عَلَيهِ تَفلَةً وَمَسَحتُهُ
بِثَوبِيَ حَتّى جِلدُهُ مُتَقَوِّبُ
يُراقِبُ إيحاءَ الرَقيبِ كَأَنَّهُ
لِما وَتَروني آخِرَ اليَومِ مُغضَبُ
فَفازَ بِنَهبٍ فيهِ مِنهُم عَقيلَةٌ
لَها بَشَرٌ صَافٍ وَرَخصٌ مُخَضَّبُ
فَلا تَذهَبُ الأَحسابُ مِن عُقرِ دارِنا
وَلَكِنَّ أَشباحاً مِنَ المالِ تَذهَبُ
صَحا قَلبُهُ وَأَقصَرَ اليَومَ باطِلُهُ
وَأَنكَرَهُ مِمّا اِستَفَادَ حَلائِلُه
يُرَبنَ وَيَعرِفنَ القَوامَ وَشيمَتي
وَأَنكَرنَ زَيغَ الرَأسِ وَالشَيبُ شامِلُه
وَكُنتُ كَما يَعلَمنَ وَالدَهرُ صَالِحٌ
كَصَدرِ اليَماني أَخلَصَتهُ صَياقِلُه
وَأَصبَحتُ قَد عَنَّفتُ بِالجَهلِ أَهلَهُ
وَعُرِّيَ أَفراسُ الصِبا وَرَواحِلُه
قَليلٌ عِناني مَن أَتى مُتَعَمِّداً
سَواءً بِنا أَو خالَفَتني شَمائِلُه
خَلا أَنَّني قَد لا أَقولُ لِمُدبِرٍ
إِذا اِختارَ صَرمَ الحَبلِ هَل أَنتَ واصِلُه
تَبَصَّر خَليلي هَل تَرى مِن ظَعائِنٍ
تَحَمَّلنَ أَمثالَ النِعاجِ عَقائِلُه
ظَعائِنُ أَبرَقنَ الخَريفَ وَشِمنَهُ
وَخِفنَ الهُمامَ أَن تُقادَ قَنابِلُه
عَلى إِثرِ حَيٍّ لا يَرى النَجمَ طالِعاً
مِنَ اللَيلِ إِلّا وَهوَ بادٍ مَنازِلُه
شَرِبنَ بِعُكّاشِ الهَبابيدِ شَربَةً
وَكانَ لَها الأَحفى خَليطاً تُزايِلُه
فَلَمّا بَدَا دَمخٌ وَأَعرَضَ دونَهُ
عَوازِبُ مِن رَملٍ تَلوحُ شَواكِلُه
وَقُلنَ أَلا البَردِيُّ أَوَّلُ مَشرَبٍ
نَعَم جَيرِ إِن كانَت رِواءً أَسافِلُه
تَحاثَثنَ وَاِستَعجَلنَ كُلَّ مُواشِكٍ
بِلُؤمَتِهِ لَم يَعدُ أَن شَقَّ بازِلُه
فَباكَرنَ جَوناً لِلعَلاجيمِ فَوقَهُ
مَجالِسُ غَرقَى لا يُحَلَّأُ ناهِلُه
إِذا ما أَتَتهُ الريحُ مِن شَطرِ جانِبٍ
إِلى جانِبٍ حازَ التُرابَ مَجاوِلُه
قَذَفنَ بِفي مَن ساءَهُنَ بِصَخرَةٍ
وَذُمَّ نَجيلُ الرُمَّتَينِ وَناصِلُه
لَعَمري لَقَد زارَ العُبَيدِيُّ رَهطَهُ
بِخَيرٍ عَلى بُعدٍ زِيارَةَ أَشأَما
فَأَظعَنتَ مَن يَرجو الكَرامَةَ مِنهُمُ
وَخَيَّبتَ مَن يُعطي العَطاءَ المُكَرَّما
وَأَلفَيتَنا بِالجَفرِ يَومَ أَتَيتَنا
أَخاً وَاِبنَ عَمٍّ يَومَ ذَلِكَ وَاِبنَما
وَأَلفَيتَنا رُمحاً عَلى الناسِ واحِداً
فَنَظلِمُ أَو نَأبى عَلى مَن تَظَلَّما
وَأَصبَحتَ قَد فَرَّقتَ بَينَ مَحَلِّنا
إِذا ما اِلتَقى الجَمعانِ لَن نَتَكَلَّما
فَلَيتَكَ حالَ البَحرُ دونَكَ كُلُّهُ
وَمَن بِالمَرادي مِن فَصيحٍ وَأَعجَمِ
وَإِنّا أُناسٌ ما تَزالُ سُوامُنا
تُنَوِّرُ نيرانَ العَدوِّ مَناسِمُه
وَلَيسَ لَنا حَيٌّ نُضافُ إِلَيهِمُ
وَلَكِن لَنا عودٌ شَديدٌ شَكائِمُه
|
بِالعُفرِ دارٌ مِن جَميلَةَ هَيَّجَت
سَوالِفَ حُبٍّ في فُؤادِكَ مُنصِبِ
وَكُنتَ إِذا بانَت بِها غِربَةُ النَوى
شَديدَ القُوى لَم تَدرِ ما قَولُ مُشغِبِ
كَريمَةُ حُرِّ الوَجهِ لَم تَدعُ هالِكاً
مِنَ القَومِ هُلكاً في غَدٍ غَيرَ مُعقِبِ
أَسيلَةُ مَجرَى الدَمعِ خُمصانَةُ الحَشا
بَرودُ الثَنايا ذَاتُ خَلقٍ مُشَرعَبِ
تَرى العَينُ ما تَهوى وَفيها زِيادَةٌ
مِنَ اليُمنِ إِذ تَبدو وَمَلهَىً لِملعَبِ
وَبَيتٍ تَهُبُّ الريحُ في حَجَراتِهِ
بِأَرضِ فَضاءٍ بابُهُ لَم يُحَجَّبِ
سَماوَتُهُ أَسمالُ بُردٍ مُحَبَّرٍ
وَصَهوَتُهُ مِن أَتحَمِيٍّ مُعَصَّبِ
وَأَطنابُهُ أَرسانُ جُردٍ كأَنَّها
صُدورُ القَنا مِن بادِئٍ وَمُعَقِّبِ
نَصَبتُ عَلى قَومٍ تُدِرُّ رِماحُهُم
عُروقَ الأَعادي مِن غَريرٍ وَأَشيَبِ
وَفينا تَرى الطولى وَكُلَّ سَمَيدَعٍ
مُدَرَّبِ حَربٍ وَاِبنِ كُلِّ مُدَرَّبِ
طَويلِ نِجادِ السَيفِ لَم يَرضَ خُطَّةً
مِنَ الخَسفِ وَرّادٍ إِلى المَوتِ صَقعَبِ
تَبيتُ كَعِقبانِ الشُرَيفِ رِجالُهُ
إِذا ما نَوَوا إِحدَاثَ أَمرٍ مُعَطِّبِ
وَفينا رِباطُ الخَيلِ كُلَّ مُطَهَّمٍ
رَجيلٍ كَسِرحانِ الغَضا المُتَأَوِّبِ
يُذيقُ الَّذي يَعلو عَلى ظَهرِ مَتنِهِ
ظِلالَ خَذاريفٍ مِنَ الشَدِّ مُلهِبِ
وَجَرداءَ مِمراحٍ نَبيلٍ حِزامُها
طَروحٍ كَعودِ النَبعَةِ المُتَنَخَّبِ
تُنيفُ إِذا اِقوَرَّت مِنَ القَودِ وَاِنطَوَت
بِهادٍ رَفيعٍ يَقهَرُ الخَيلَ صَلهَبِ
وَعوجٍ كَأَحناءِ السَراءِ مَطَت بِها
مَطارِدُ تَهديها أَسِنَّةُ قَعضَبِ
إِذا قيلَ نَهنِهها وَقَد جَدَّ جِدُّها
تَرامَت كَخُذروفِ الوَليدِ المُثَقَّبِ
قَبائِلُ مِن فَرعَي غَنِيٍّ تَواهَقَت
بِها الخَيلُ لا عُزلٍ وَلا مُتَأَشَّبِ
أَلا هَل أَتى أَهلَ الحِجازِ مُغارُنا
عَلى حَيِّ وَردٍ وَاِبنِ رَيّا المُضَرَّبِ
جَلَبنا مِنَ الأَعرافِ أَعرافِ غَمرَةٍ
وَأَعرافِ لُبنى الخَيلَ يا بُعدَ مَجلَبِ
بناتِ الغُرابِ وَالوَجيهِ وَلاحِقٍ
وَأَعوَجَ تَنمي نِسبَةَ المُتَنَسِّبِ
وِراداً وَحُوّاً مُشرِفاً حَجَباتُها
بَناتِ حِصانٍ قَد تُعولِمَ مُنجِبِ
وَكُمتاً مُدَمّاةً كَأَنَّ مُتونَها
جَرى فَوقَها وَاِستَشعَرَت لَونَ مُذهَبِ
نَزائِعَ مَقذوفاً عَلى سَرَواتِها
بِما لَم تُخالِسها الغُزاةُ وَتُسهَبِ
تُباري مَراخيها الزِجاجَ كَأَنَّها
ضِراءٌ أَحَسَّت نَبأَةً مِن مُكَلِّبِ
كَأَنَّ يَبيسَ الماءِ فَوقَ مُتونِها
أَشاريرُ مَلحٍ في مَباءَةِ مُجرِبِ
مِنَ الغَزوِ وَاِقوَرَّت كَأَنَّ مُتونَها
زَحاليفُ وِلدانٍ عَفَتَ بَعدَ مَلعَبِ
وَأَذنابُها وُحفٌ كَأَنَّ ذُيولَها
مَجَرُّ أَشاءٍمِن سُمَيحَةَ مُرطِبِ
وَتَمَّت إِلى أَجوازِها وَتَقَلقَلَت
قَلائِدُ في أَعناقِها لَم تُقَضَّبِ
كَأَنَّ سَدى قُطنِ النَوادِفِ خَلفَها
إِذا اِستَودَعَتهُ كُلَّ قَاعٍ وَمِذنَبِ
إِذا هَبَطَت سَهلاً كَأَنَّ غُبارَهُ
بِجانِبِهِ الأَقصَى دَواخِنُ تَنضُبِ
كَأَنَّ رِعالَ الخَيلِ لمّا تَبَدَّدَت
بَوادي جَرادِ الهَبوَةِ المُتَصَوِّبِ
وَهَصنَ الحَصى حَتّى كَأَنَّ رُضاضَهُ
ذُرى بَرَدٍ مِن وابِلٍ مُتَحَلَّبِ
يُبادِرنَ بِالفُرسانِ كُلَّ ثَنِيَّةٍ
جُنوحاً كَفُرّاطِ القَطا المُتَسَرِّبِ
وَعارَضتُها رَهواً عَلى مُتَتابِعٍ
شَديدِ القُصَيرى خارِجِيٍّ مُحَنَّبِ
كَأَنَّ عَلى أَعرافِهِ وَلِجامِهِ
سَنا ضَرَمٍ مِن عَرفَجٍ مُتَلَهِّبِ
كَأَنَّ عَلى أَعطافِهِ ثَوبَ مائِحٍ
وَإِن يُلقَ كَلبٌ بَينَ لِحيَيهِ يَذهَبِ
إِذا اِنصَرَفَت مِن عَنَّةٍ بَعدَ عَنَّةٍ
وَجَرسٍ عَلى آثارِها كَالمُؤَلَّبِ
تُصانِعُ أَيديها السَريحَ كَأَنَّها
كِلابُ جَميعٍ غُرَّةَ الصَيفِ مُهرَبِ
إِذا اِنقَلَبَت أَدَّت وُجوهاً كَريمَةً
مُحَبَّبَةً أَدَّينَ كُلَّ مُحَبَّبِ
خَدَت حَولَ أَطنابِ البُيوتِ وَسَوَّفَت
مَراداً وَإِن تُقرَع عَصا الحَربِ تُركَبِ
فَلَمّا بَدا حَزمُ القَنانِ وَصارَةٌ
وَوازَنَّ مِن شَرقِيِّ سَلمى بِمَنكِبِ
أَنَخنا فَسُمناها النِطافَ فَشارِبٌ
قَليلاً وَآبٍ صَدَّ عَن كُلِّ مَشرَبِ
يُرادي عَلى فَأسِ اللِجَامِ كَأَنَّما
يُرادي بِهِ مِرقاةُ جِذعٍ مُشَذَّبِ
وَشَدَّ العَضاريطُ الرِحالَ وَأُسلِمَت
إِلى كُلِّ مِغوارِ الضُحَى مُتَلَبِّبِ
فَلَم يَرَها الراؤونَ إِلاّ فُجاءَةً
بِوادٍ تُناصيهِ العِضاةَ مُصَوَّبِ
ضَوابِعُ تَنوي بَيضَةَ الحَيِّ بَعدَما
أَذاعَت بِرَيعانِ السَوامِ المُعَزَّبِ
رَأى مُجتَنو الكُرّاثِ مِن رَملِ عالِجٍ
رِعالاً مَطَت مِن أَهلِ سَرحٍ وَتَنضُبِ
فَأَلوَت بَغاياهُم بِنا وَتَباشَرَت
إِلى عُرضِ جَيشٍ غَيرَ أَن لَم يُكَتَّبِ
فَقالوا أَلا ما هَؤُلاءِ وَقَد بَدَت
سَوابِقُها في ساطِعٍ مُتَنَصِّبِ
فَقال بَصيرٌ يَستَبينُ رِعالَها
هُمُ وَالإِلَهِ مَن تَخافينَ فَاِذهَبي
عَلى كُلِّ مُنشَقٍّ نَساها طِمِرَّةٍ
وَمُنجَرِدٍ كَأَنَّهُ تَيسُ حُلَّبِ
يَذُدنَ ذِيادَ الخامِساتِ وَقَد بَدا
ثَرى الماءِ مِن أَعطافِها المُتَحَلِّبِ
وَقيلَ اِقدُمي وَاِقدُم وَأَخٍّ وَأَخِّري
وَهَل وَهَلا وَاِضرَح وَقادِعُها هَبِ
فَما بَرِحوا حَتّى رَأَوا في دِيارِهِم
لِواءً كَظِلِّ الطائِرِ المُتَقَلِّبِ
رَمَت عَن قِسيِّ الماسِخِيِّ رِجالُنا
بِأَجوَدَ ما يُبتاعُ مِن نَبلِ يَثرِبِ
كَأَنَّ عَراقيبَ القَطا أُطُرٌ لَها
حَديثُ نَواحيها بِوَقعٍ وَصُلَّبِ
كُسينَ ظُهارَ الريشِ مِن كُلِّ ناهِضٍ
إِلى وَكرِهِ وَكُلِّ جَونٍ مُقَشَّبِ
فَلَمّا فَنا ما في الكَنائِنِ ضارَبوا
عَلى القُرعِ مِن جِلدِ الهِجانِ المُجَوَّبِ
فَذوقوا كَما ذُقنا غَداةَ مُحَجَّرٍ
مِنَ الغَيظِ في أَجوافِنا وَالتَحَوُّبِ
أَبَأنا بِقَتلانا مِنَ القَومِ مِثلَهُم
وَما لا يُعَدُّ مِن أَسيرٍ مُكَلَّبِ
نُخَوّي صُدورَالمَشرَفِيَّةِ مِنهُمُ
وَكُلَّ شُراعِيٍّ مِنَ الهِندِ شَرعَبِ
بِضَربٍ يُزيلُ الهامَ عَن سَكَناتِهِ
وَيَنقَعُ مِن هامِ الرِجالِ بِمَشرَبِ
فَبِالقَتلِ قَتلٌ وَالسَوامِ بِمِثلِهِ
وَبِالشَلِّ شَلُّ الغائِطِ المُتَصَوِّبِ
وَجَمَّعنَ خَيطاً مِن رِعاءٍ أَفَأنَهُم
وَأَسقَطنَ مِن أَقفائِهِم كُلَّ مِحلَبِ
فَرُحنَ يُبارينَ النِهابَ عَشِيَّةً
مُقَلَّدَةً أَرسانَها غَيرَ خُيَّبِ
مُعَرَّقَةَ الأَلحي تَلوحُ مُتونُها
تُثيرُ القَطا في مَنقَلٍ بَعدَ مَقرَبِ
لِأَيّامِها قيدَت وَأَيّامِها جَرَت
لِغُنمٍ وَلَم تُؤخَذ بِأَرضٍ وَتُغصَبِ
كَأَنَّ خَيالَ السَخلِ في كُلِّ مَنزِلٍ
يَضَعنَ بِهِ الأَسلاءَ أَطلاءُ طُحلُبِ
طَوامِحُ بِالطَرفِ الظِرابِ إِذا بَدَت
مُحَجَّلَةَ الأَيدي دَماً بِالمُخَضَّبِ
وَلِلخَيلِ أَيّامٌ فَمَن يَصطَبِر لَها
وَيعرِف لَها أَيّامَها الخَيرَ تُعقِبِ
وَقَد كانَ حَيّانا عَدُوَّينِ في الَّذي
خَلا فَعَلى ما كانَ في الدَهرِ فَاِرتُبِ
إِلى اليَومِ لَم نُحدِث إِليكُم وَسيلَةً
وَلَم تَجِدوها عِندَنا في التَنَسُّبِ
جَزَيناهُمُ أَمسِ الفَطيمَةِ إِنَّنا
مَتى ما تَكُن مِنّا الوَسيقَةُ نَطلُبِ
فَأَقلَعَتِ الأَيّامُ عَنّا ذُؤابَةً
بِمَوقِعِنا في مَحرَبٍ بَعدَ مَحرَبِ
وَلَم يَجِدِ الأَقوامُ فينا مَسَبَّةً
إِذا اِستُدبِرَت أَيّامُنا بِالتَعَقُّبِ